vendredi 23 mars 2018

بنات حوّاء الثلاث - أليف شفق

"لكن مهما تكن حقيقة اسم الشارع التقليديّ الضيّق الّذي كانت تقطن فيه أسرة نالبانتوغلو المُعْتَدَّةُ بنفسها، فقد صيغت وفق ثلاث حالات هي: طاعةُ الله _ والأئمّة _ طاعةً تامّةً، والخضوعُ خضوعًا نهائيًّا وراسخًا (صلب)، تقبُّلُ نهر الحياة المقدّس مهما كثُرت القاذورات والأوحال الّتي قد يجرفها وإيّاه (سائل)، الاستغناءُ عن الطموحات ما دامت كلُّ الممتلكات والمغانم سوف تختفي في نهاية المطاف في الجوّ (غاز). وعلى هذا الأساس، يُنْظر إلى مصير كلّ فرد على أنّه مُقرَّرٌ سلفًا، وأنّ كلّ المآسي يتعذّر تجنُّبُها [...]". (ص. 33).
"[اليويو (yo-yo): لعبة مؤلّفة من قرص مزدوج محزوز بسلك، أحد طرفيه ملفوف حول الحزّ والآخر مشدود إلى يد المرء أو إصبعه على نحو يمكّنه من قذف القرص في اتّجاه ما ثمّ إعادته إلى اليد، وهكذا] (ص. 37).
"[كارل ماركس (1818-1883): فيلسوف اجتماعي ألماني حرّر "البيان الشيوعيّ" بالتعاون مع إنجلز، وأسّس "الدوليّة الأولى". له "رأس المال" وهو دستور الماركسيّة والنظام الشيوعي]" (ص. 50).
"[أنطونيو غرامشي (1891-1937): سياسي وصحافي وأديب إيطالي من مؤسّسي الحزب الشيوعي الإيطالي مع توغلياتي (1921). الأمين العام للحزب (1924). سُجن (1926) ومات في السجن. له "رسائل السجن"، وهي من روائع الأدب الإيطالي، و"دفاتر السجن"، وهي مجموعة مقالاته في الفترة 1929-1935، وتُعدّ من أهمّ المؤلّفات في تاريخ الفكر الماركسي]" (ص.50).
"[روزا لوكسمبورغ (1870-1919): كاتبة اشتراكيّة ألمانيّة. من قادة الحزب الاشتراكي الألماني، ومن المناوئين لحرب 1914. سُجنت (1915-1918). شرحت مفاهيم الماركسيّة عن الاستعمار. لها "تكديس رأس المال" و"رسائل إلى سبارتاكوس". قُتلت في أثناء نقلها إلى السجن]" (ص. 51).
"[فريديرك إنجلز (1820-1895): اشتراكي وفيلسوف ألمانيّ، وضع مع كارل ماركس "البيان الشيوعي" (1848)، ونشر كتاب "رأس المال" بعد موت مؤلّفه ماركس]" (ص. 52).
"[لبون تروتسكي (1879-1940): من مشاهير رجال الثورة الروسيّة ورفيق لينين. نظّم الجيش السوفياتي، ونفاه ستالين في سنة 1929 إلى آلما-آتا عاصمة كازاخستان، لكنّه هرب منها فطاردته السلطات السوفياتيّة في فرنسا وتركيا والنرويج، غير أنّه وجد ملاذًا في المكسيك التي أقام بها إلى أن اغتيل مضروبًا ببلطة في رأسه. من مؤلّفاته: "الثورة الدائمة" و "الثورة التي خانوها" و "دفاعًا عن الماركسيّة" و "لست مذنبًا" و "حياتي"]" (ص.52).
"[جون شتانبك (1902-1968): روائيّ أميركيّ اشتهر بوصف الطبقات الشعبيّة في موطنه كاليفورنيا. حاز جائزة نوبل في الأدب (1962). من أشهر مؤلّفاته "عناقيد الغضب" و"شرقي عدن"]" (ص. 52).
"[جورج أورويل (1903-1950): روائيّ إنكليزيّ من أشهر رواياته "1984" و "مزرعة الحيوان" (1945)]" (ص. 52).
"[هنري ميلر (Henry Miller، 1891-1980): روائيّ أميركيّ وُلد في مدينة نبوبورك ونشأ في بروكلين. وبعد مدّة من عمله في شركة يونيون تلغراف، انتقل إلى باريس في سنة 1930، حيث كتب "مدار السرطان" (1934) التي تنحو منحى السيرة الذاتيّة-الروائيّة أسوة ببقيّة كتبه. وتدور عن حياته في باريس، وهو فنّان وأديب مُعدَم. فيها كثير من تقاليد الرواية الأوروبيّة البذيئة وروح الفكاهة الأميركيّة، الكلمات الفاحشة فيها يراها النقد الأدبيّ ثوريّة تعكس بواقعيّة جديدة أحاديثَ الذكور المتهوّرة والقوّة التدميريّة لمثل هذه الأحاديث. أثّر تأثيرًا كبيرًا في جيل الخمسينيّات والستينيّات، وكانت مؤلّفاته في موقع الصدارة بين صفوف القرّاء الذين رأوا في صراحة ما يكتبه عن الحبّ والجنس قيمةً إيجابيّةً في عالم الأدب]" (ص. 90).
"كانت [بيري] قد وطّنت العزم على أن تكون علاقتها بابنتها أفضل كثيرًا من تلك العلاقة التي كانت بينها وبين أمّها. ففي نهاية المطاف، أليس ذلك هو الأمل الحقيقيّ الّذي سيتحقّق في الحياة: وهو أنّنا كنّا أحسن صنعًا من آبائنا، وهكذا سيكون أطفالنا أولياء أمور أفضل منّا. إلاّ أنّ ما نكتشفه عوضًا عن ذلك هو أنّنا كنّا أحسن صنعًا من آبائنا، وهكذا سيكون أطفالنا أولياء أمور أفضلَ منّا. إلاّ أنّ ما نكتشفه عوضُا عن ذلك هو أنّنا نُكرّر، من عير عمد، الأخطاء نفسها التي اقترفها الجيل السابق."
"إذا كنتِ تعتقدين حقًّا أنّ ما حدث [...] إنّما هو عمل من صنع الربّ، وأنّ الربّ في حاجة إلى سجون ومعذّبين لتنفيذ تعاليمه، فإمّا أنّك مضطربة عقليًّا أيّتها المرأة. اللعنة. وإمّا أنّ مفهومك عن الربّ خاطئ." (ص. 116).
"أرأيتِ يا لبّ فؤادي؟ إنّي مولَع بالتقاليد البكتاشيّة أو المولويّة أو الصوفيّة الملامتيّة [البكتاشيّة: نسبة إلى حاجي بكتاش (أو بكداش)، وليّ متصوّف تركيّ عاش في أماسيّة، في القرن العاشر للهجرة/السادس عشر ميلادي. ضريحه في مدينة إسطنبول. أمّا المولويّة فهي طريقة صوفيّة تُنسب إلى جلال الدين الرومي (1207-1273)، الشاعر المولود في مدينة بلخ، والمستقرّ لاحقا في مدينة قونيّة. كان أتباعه يقيمون "حلقات الذكر" بالأناشيد والرقص على إيقاع آلات الطرب. وفيما يتعلّق بالملامتيّة، فهم أتباع أبي صالح حمدون بن أحمد بن عمارة القصّار، ويًطلق عليهم القصاريّة أيضًا. وطريقتهم تتمثّل في إظهار: "الملامة" ونشرها. وعلى الصوفيّ الملامتي أن يترك السلامة، ويُعرّض نفسه للبلايا، ويؤدّب النفس بالتحقير والإهانة التي توجَّه إليه من الخلق. وكان حمدون القصّار يقول: "ينبغي أن يكون علم الله بالنسبة إليك أحسن من علم الخلق بك، أي يجب أن تُعامل الله في الخفاء أكثر من معاملتك للخلق في الملأ، لأنّ الحجاب الأعظم عن الحقّ هو انشغال قلبك بالخلق". للوقوف على شرح أحوال الملامتيّة، ارجع إلى الفصلين الثامن والتاسع من كتاب "عوارق المعارف" للسهروردي، أبو حفص عمر (ت632ه/1234م)، الفقيه الشافعي وأحد كبار الصةفيّة وشيخ الشيوخ في بغداد (المترجم)]، بما تنطوي عليه من روح إنسانيّة وفكاهة. وكان الرند متحرّرين من كلّ أنواع التعصّب واللاتسامح. فكم من الناس يتذكّرون هؤلاء اليوم؟ لقد اختفت تلك الفلسفة الموغلة في القِدم في هذا البلد. ليس هنا فحسب، بل في كلّ مكان من بلاد العالم الإسلامي بعد أن تعرّضت للقمع وكمّ الأفواه والإبادة. لماذا؟ إنّهم باسم الدين يقتلون الله، وباسم النظام والسلطة ينسون الحبّ" (ص. 145-146)
"أتدرين سبب عدم تحمّسي للجنّة؟ [...] إنّني أنظر إلى النّاس الّذين سيذهبون إليها، أولئك الّذين يُصلّون ويصومون ويفعلون على ما يبدو كلّ ما يُفترض بهم أن يفعلوه. أعداد كبيرة منهم أدعياء! وأنا أُردِّدُ في نفسي إذا كان هؤلاء سيدخلون الجنّة، فهل أُريدُ حقًّا أن أكون فيها؟ إنّني أُفضّل أن أحترق بهدوء في جحيمي. صحيح أنّه حارّ، لكن في الأقلّ لا يوجد نفاق" (ص. 147)
"نِصْفُكِ امرأةٌ مسلمةٌ ونِصْفُكِ الآخر امرأة عصريّةٌ. لا تطيقين رؤية لحم الخنزير، وتصومين لكنّكِ تحتسين النبيذ، أو الفودكا، أو شرابَ التكيلا المكسيكي... هل أدركتِ ما أرمي إليه؟ أمّا في شهر رمضان، فالأمر مختلف. تصومين هنا وهناك، لكن، بالرّغم من ذلك فأنتِ تتناولين الطعام في بعض الأيّام خلال الشهر. لا تُهملين شأن الدين، إذْ من يدري، فرُبّما كانت هناك حياةٌ بعد الموت، ولهذا يُستحسَنُ اتِّخاذُ جانب الحيطة والحذر، كما أنّكِ لا تريدين أن تُضيِّعي الحرّيّة. شيءٌ من هذا، وشيءٌ من ذلك. إنّه اتّحاد الأزمنة العظيم: مسلمون عصريُّون" (ص. 190).
"الأثرياء والطامحون إلى أن يكونوا أثرياء، والأثرياء جدًّا، ليسوا بمأمن على حدٍّ سواء، ويعتمد قَدْرٌ كبيرٌ من راحة بالهم على نزوة الدولة، ويقلق حتّى أشدُّ الناس قوّةً وسطوةً خشيةَ فقدان سيطرتهم، ويهاب أكثر الناس ثراءً الصعوبات. ويُتوقّعُ منك أن تؤمن بالدولة للسبب نفسه الذي يُتوقّع منك أن تؤمن بالربّ، وهو: الخوف. إنّ البورجوازيّة، بالرّغم من ألَقِها وجاذبيّتها، تشبه طفلاً يخاف أباه؛ الأب الخالد، البابا. وفي خضمّ الافتقار إلى اليقين، وبخلاف النّظراء في أوروبا، لا يملك البورجوازيّون المحليّون الجرأة والاستقلال الذاتيّ ولا الموروث ولا الذاكرةَ. وهم منحشرون بين ما يُتوقّع أن يصيروا إليه وما يتمنُّون أن يكونوا عليه" )ص. 202).
"انظروا إلى سنغافورة، نجاح في ظلّ غياب الديمقراطيّة. الصين، الأمر نفسه.  إنّه عالم سريع الحركة، ولا بدّ من تنفيذ القرارات بسرعة البرق. أمّا أوروبا، فإنّها تُضيّع الوقت في جدل تافه لا معنى له، في حين تنطلق سنغافورة إلى الأمام، لماذا؟ لأنّهم في سنغافورة يتمتّعون بالتّركيز، في حين أنّ الديمقراطيّة هدر للوقت وللمال" (ص. 216).
"تصوّروا أنّ ابني حصل على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، وزوجي لديه آلاف الموظّفين، لكنّنا لا نملك في الأسرة سوى ثلاثة أصوات انتخابيّة، في حين أنّ شقيق سائقنا لديه ثمانية أطفال في القرية، ولستُ واثقة إن كان أحدٌ منهم قد قرأ كتابًا واحدًا في حياته، لكنّهم يتمتّعون بعشرة أصوات انتخابيّة! في أوروبا، نجد النّاس متعلّمين، والديمقراطيّة لا تُلحق الضرر بهم. أمّا في الشرق الأوسط، فالقصّة مختلفة! إنّ منح الجَهَلة صوتًا متساويًا يُشبه إعطاء طفلٍ صغيرٍ عُلبةَ كبريت، وبهذا يُمكن للبيت أن ينهار حرقًا" (ص. 217).
" "نوعان من الذكاء" هو عنوان قصيدة من قصائد جلال الدين الرومي، وكانت بيري تتذكّر بضعة أبيات من شعره: "هناك نوعان من الذكاء: أحدهما مكتَسب كما في حالة الطفل الذي يحفظ عن ظهر قلب... من الكتب وممّا يقوله المعلِّمون... أمّا الثاني فهو الذكاء الذي ينساب مثل نافورة تنبعث من أعماقك وتتدفّق" " (ص. 234).
"يفضّل المؤمنون الأجوبة على الأسئلة، والوضوح على السكّ. أمّا الملحدون، فينطبق الشيء نفسه عليهم تقريبًا. إلاّ أنّ المثير للضحك هو أنّنا إذا ما وصلنا إلى موضوع الربّ، الذي لا نعرف عنه شيئًا تقريبًا، فإنّ أعدادًا قليلةً جدًّا منّا هي التي تقول عادة: "لا أدري" " (ص. 237).
"ليس هناك حكمةٌ من دون حبّ، ولا حبٌّ من غير حرّيّة، ولا حرّيّة ما لم نتجرّأ ونخرج عن النمط الذي آل إليه مآلنا" (ص. 249).
"[...] إنّ الدين البعيد البُعد كلّه عن كونِه حليفَ النقاش الحرّ، كان خصمَه الرهيب على مرّ العصور. فعندما طرح سبينوزا [باروك سبينوزا (1632-1677): فيلسوف هولنديّ من أصل يهوديّ، نبذه أهله والجالية اليهوديّة في أمستردام بسبب آرائه التي تجعل الله مرادفًا للطبيعة الكاملة. عرف فلاسفةَ العرب واليهود ومؤلَّفات ديكارت. صدر له في أثناء حياته "مبادئ فلسفة ديكارت" (1663) و "مقالة في اللاهوت والسياسة" (1670). امتاز باستقامة أخلاقه، وخطَّ لنفسه نهجًا فلسفيًّا يعتبر أنّ الخير الأسمى يكمن في "فرح المعرفة"، أي في "اتّحاد الروح بالطبيعة الكاملة". والله، في نظره، جملةُ صفات لا حدّلها، نعرف منها الفكرَ والمكانيّة. ويرى أنّ أهواء الإنسان الدينيّة والسياسيّة هي سببُ بقائه في حالة العبوديّة. وقد دفعت به إرادة المعرفة والعيش في الحريّة إلى وضع أسس نظريّة حلوليّة في المعرفة في كتابيْه: "مقالة في إصلاح الإدراك" (1662) و"النظام الأخلاقي" (1661-1665) (المترجم)] شكوكه في تعاليم الحاخامات فإنّه لم يحصل على المديح والثناء، وإنّما طُرِدَ من المعبد اليهودي. ويمكن ملاحظة النموذج عينه في تاريخ كلّ من النصرانيّة والإسلام" (ص. 290).
"الحقَّ أنّني أهوى حكايات الجانّ والعفاريت. فزميلاي هنا [في المناظرة الحواريّة] على قدرٍ متساوٍ من الضلال. فأحدهما يروقه أن يُنكر الدينَ، والآخرُ ينكر الشكَّ، ولا يبدو أنّهما قد فهما أنّني كائنًا بشريًّا بسيطًا، فأنا في حاجة إلى كلٍّ من الدين والشكّ. أيّها السادة، إنّ اللاّيقين نعمة من النِّعَم، ونحن لا نستحقّه وإنّما نحتفل به. هذا هو أسلوب الطريق الثالث" (ص.297).
 "اعتقد الناس على مدى عقود من الزمان أنّ ذكاء الحيوان يزداد حدّة كلّما كبُر حجم الحيوان نفسه، فقرنوا الذكاء بحجم الدماغ، يا له من تحيُّز جنسانيّ: فللرجال أنسجة دماغيّة أكثر من النساء، ثمّ يأتي الأخطبوط الرائع الّذي يفضح زيف الأسطورة بأذرعه الستّ، وليست الثماني، إذ يحسب النّاس خطأً الساقين أيضا، فإذا كانت الخطوة المقبلة في النشوء والارتقاء تكمن في شبكة معقَّدة من الأدمغة المتعدّدة بدلاً من عقلٍ مركزيّ واحد، كبير ومهلهل، فماذا سيحدث عندئذ؟" (ص.332)
"إذا كنتَ لا تقدر على الاستماع إلى الأفكار المعارضة، فإنّنا لا مستطيع أن نُجري حوارًا حُرًّا. وإذا شعرت بالإساءة، وهذا من طبع البشر، فتذكّر نصيحة الرجل العاقل: "إذا انزعجت في كلّ فركة، فكيف ستلمّع المرآة؟" [جلال الدين الرومي].
إذا كنت تعتقد أنّك تعرف كلّ ما تحتاج إلى معرفته عن الرّبّ، وأنّك غير مهتمّ بحشو دماغك بمعلومات جديدة، فنرجو منك "الإبتعاد عن نوري"[ديو جنييس]، فالوقت ثمين؛ وقتي ووقتك. فهذا المنهاج الدراسي خُصِّص للباحثين الذين "يرغبون في أن يكونوا مبتدئين في صباح كلّ يوم" [إيكهارت]. وإذا كان هذا كلُّه يبدو مشقَّةً ورتابة أكثر ممّا تحتمل، فعليك أن تتذكّر أنّ "أعلى مرحلة من النشاط يمكن أن يصل إليها البشر هي التعلُّمُ من أحل الفهم، لأنّ الفهم يعني التحرّر [سبينوزا]" (ص. 338-339)
"أوضح آزور قائلاً إنّ الموضوعات المختلفة تتطلّب ترتيبات جلوس مختلفة، فالجلوس في موضوعات تناقش السياسة يكون متفرِّقًا وغير محدَّد. وفي علم الإجتماع، يكون الجلوس على هيئة مثلَّث منتظم. وفي علم الإحصاء، يكون مستطيلاً. وفي العلاقات الدوليّة، يجي أن يكون على هيئة متوازي الأضلاع. أمّا في موضوع الربّ، فلا بدَّ من أن يكون النقاش في دائرة، بحيث يبعد كلّ فرد في محيطها مسافةً متساوية عن المركز، وينظر كلّ شخص إلى عيْنَي الآخر" (ص. 360)
"إميلي دكينسون" (1830-1886): شاعرة أمريكيّة، أمضت شطرًا من حياتها في مدينة آمهرست في ولاية ماساشوسيتس، أرسلت عددًا من قصائدها إلى الأديب المعروف توماس وينتورث هيغنسون، إلاّ أنّ نقده العنيف لأسلوبها وبحورها الشعريّة كان سببًا في إحباطها وعزلتها، فاحتفظت بقصائدها ولم تنشرها طوال حياتها، وكان بينها قصائدُ حُبٍّ موجَّهةٌ إلى بنيامين نيوتن، الطالب الذي كان يعمل في مكتب والدها، وقد راسالته حتّى وفاته سنة 1853، ومن بعد ذلك وجَّهت قصائدها إلى تشارلز وادزورث، رجل الدين المتزوّج الذي قيل إنّه رحل عن أميركا بسببها. في سنة 1863 نظمت زهاء 140 قصيدة، وفي سنة 1864 نحو 200 قصيدة. يدور نتاجها الشعريّ الذي يبلغ زهاء 1775 قصيدة، عن العلاقة بين الله والإنسان والطبيعة. أسلوبها قويٌّ ومتميّز، يعبِّر أساسًا عن شخصيّتها المعقَّدة. صحيح أنّها كانت تبدو وديعة وهادئة، إلاّ أنّها تجنّبت كلّ ما هو تقليديّ". (ص.366)
"أوضحت إليزابيث أنّ الجنس البشريّ فَقَدَ اتِّصاله بالطبيعة أو الأرض بصِفتها إلهة. فعلى امتداد التاريخ، تعرّضت الأنثى للقمع، وكان لبثمن هو الحروب وشفك الدماء والعنف، وقالت إنّها اطَّلعت على أديان قديمة مثل الشامانيّة [الشامانيّة (Shamanism) : دين بدائيّ من أديان شمالي آسيا وأوروبا، يتميّز بالإعتقاد بوجود عالم محجوب؛ هو عالم الآلهة والشياطين وأرواح السلف، - وبأنّ هذا العالم لا يستجيب إلاّ للشامان، وهُم الكهنة الذين يستخدمون السحر لمعالجة المرض ومكشف المخبَّأ والسيطرة على الأحداث. وتؤمن بعض قبائل الهنود الحمر في أميركا الشماليّة بهذه الديانة أيضًا] والويكا والبوذيّة التبتيّة (وكلّ ما يساعدنا في إعادة ارتباطنا بأمِّنا الأرض)، وحثّت كلّ فرد على التوقّف عن التفكير في الربّ بوصفه ذكرًا، والبدء بالقول بأنّه أنثى". (ص.367)
"[...] ممتاز أيّها الشابّ، لكن عندما نقتبس عن الآخرين، وخصوصًا إذا كانوا فلاسفة أو شعراء، ممّن تؤدّي المفردات دورًا بالغ الحيويّة في طروحاتهم، فإنّ اقتباسنا يجب أن يكون دقيقًا جدًّا. إنّ ما قاله ماركس حقًّا هو : "الدين حسرة الخلوق المضطهَد، وقلبُ العالم الذي لا قلب له، ورُوح الظروف التي لا روح لها، إنّه أفيون الشعوب"" (ص. 369)
"[...] ""إنّ درجة تحمُّس المرء تختلف اختلافًا معاكسًا لمعرفة هذا المرء بالحقائق" (برتراند رسل) [برتراند رسل (Bertrand Russell  1872-1970)، وُلِد في مقاطعة ويلز البريطانيّة وتلقّى علومه في مدرسة خاصّة، ثمّ في كلّيّة ترنتي في جامعة كيمبردج، حيث درس الرياضيّات والعلوم الأخلاقيّة. مساهماته مهمّة في الرياضيّات، لكن شهرته ذاعت لما أسهم به في تطبيق المنطق الرياضيّ على حلول المشكلات في العلوم الأخرى. عارض الدوغمائيّة في السيتية والأخلاق والأديان، وكان لنشاطاته أبلغ الأثر في حركتيْن رئيسيّتيْن، هما التعليم والسلام. طالب بحريّة الفكر والكلام، فزُجَّ به في السجن مدّةً قصيرة في إبّان الحرب العالميّة الأولى، وكان واحدًا من أبرز المعارضين لتطوير الأسلحة النوويّة منذ الحرب العالميّة الثانية. زار الإتّحاد السوفياتي، وقابل لينين وتروتسكي وغوركي، فأثمرت الزيارة نقدًا صريحًا دوّنه في كتابه "البلشفيّة: النظريّة والتطبيق" (1919)، وعمل أستاذًا في بكين (1920-1921)، وفي سنة 1922، أصدر كتابه "الزواج والأخلاق"، فأثار ضجّة كبرى بسبب آرائه الجريئة. عُيِّن أستاذًا في جامعة نيويورك، فثار رجال الدين عليه، ففصلته الجامعة. هاجم الفلشيّة في كتابه "في مدح البطالة" (1936)، وأنشأ مع سارتر وآخرين "محكمة رسل" لمحاكمة مثيري الحروب. حاز جائزة نوبل في الآداب (1950)]" (ص.370-371).
"[رينيه ديكارت (René Descartes، 1590-1650)، فيلسوف ورياضيّ وفيزيائيّ فرنسيّ. خدم في الجيش وجال في أوروبا، واستقرّ في هولندا سنة 1629 وأقام بها عشرين عامًا. تُوفّي في ستوكهولم في أثناء زيارة قام بها تلبيةً لطلبٍ من الملكة كريستينا. نسّق رموز الجبر، ووضع القواعد الأساسيّة للمعادلات، وابتكر الهندسة التحليليّة مع فرما. له اكتشافات رياضيّة وفيزيائيّة مهمّة. تستند فلسفته إلى التحرّر من الفلسفة التقليديّة المدرسيّة، واعتماد طريقة الشكّ المنهجيّ وتحديد منطق الرأي الواضح الصريح المبنيّ على الحدس والاستنتاج. فاستنتج وجود الإنسان انطلاقًا من المبدأ القائل: "أنا أُفكّر، إذًا أنا موجود". كما استنتج وجود الله من تصوُّرنا لكماله الإلهيّ. أشهر كُتُبه "تأمّلات في ما وراء الطبيعة" و"مبادئ الفلسفة" و"أهواء النفس"، فضلاً على "مقالة الطريقة"، وهو أشهر مؤلّفاته"]. (ص. 394)
"[ديسيموس ماغنوس أوسونيوس (Decimus Magnus Ansonius، 395م تقريبًا): شاعر لاتينيّ، وُلد في بورديغالا (بوردو لاحقًا)، وتلقّى تعليمه فيها وفي مدينة تولوز. مارس التعليم في مسقط رأسه ثلاثين عامًا، إذْ كانت يومئذ مركزًا ثقافيًّا بالغ الأهميّة في بلاد الغال. تلقّى دعوة من البلاط الإمبراطوريّ إلى تعليم الإمبراطور، فكانت تلك نقطة التحوّل في حياته، إذْ راح يتقلّد منذئذ المناصب الرفيعة في الدولة، وضمنها منصبُ حاكم بلاد الغال وأفريقيا، إلاّ أنّه عاد إلى بوردو بعد اغتيال الإمبراطور غراتيانوس في سنة 383. أصبح كاتبًا غزير الإنتاج في نظم الشعر لكنّه لم يكن موهوبًا في النّقد الذاتيّ، فنشر ابنه هيسبيروس بُعَيْد وفاته الأعمال الكاملة لوالده وهي: 30 قصيدة قصيرة عن الأصدقاء والأقرباء، قصائد لإحياء ذكرى أساتذة بوردو، والرسائل المتبادلة بين الإمبراطور المغدور وصديقه وتلميذه بوليانوس، وهي رسائل توضح الخلاف المُرّ بين الثقافتين النصرانيّة والوثنيّة، إضافة إلى قصيدة "موزيلا" التي تصف وصفًا مدهشًا نهر "موزيل" في فرنسا وما يجاوره من ريف ساحر. وقيل إنّها أوّل قصيدة في الأدب الفرنسيّ]" (ص. 397).
"[بيتهوفن (Beethoven، 1770-1827): من كبار الموسيقيّين الألمان. وُلد في بون. من أهمّ مؤلّفاته السيمفوني"ات التسع وأجملها الثالثة والسادسة والتاسعة، وخاتمتها "نشيد الفرح"]" (ص. 399).
"[أصل حكاية هذه الأحلام الثلاثة هو أنّ ديكارت كان في العاشر من تشرين الثاني 1619 في نواحي مدينة أولم جنوني ألمانيا، حيث سكن في غرفة تتوسّطها مدفأة. وقد أطلق عليها ديكارت ومؤرّخوه اسم "مدفأة ديكارت". وفي هذه الغرفة، في العاشر من تشرين الثاني، حدثت له رؤيا عجيبة هي رؤية علم رياضيّ. وفي الليلة نفسها، حلم بثلاثة أحلام فسّرها بأنّها دعوة له إلى إنشاء علم مدهش، فنذر أن يحجّ إلى كنيسة نوتردام دي لورت. وقد وَفَى بنذره هذا في ما بعد. ويبدو أنّ هذه الأحلام أو الرؤى، كانت تخصّ ما سيقوم به مستقبلاً من إيجاد بعض الرموز (مثل الأسّ)، والمزج بين الجبر والهندسة، ما أدّى به إلى وضع أساس الهندسة التحليليّة]" (ص. 400)
"[...] فكِّروا في موضوعات جديدة، تجمع دائمًا. إنّنا غالبًا ما نسعى إلى اختزال فهمنا عن الرّبّ في جواب واحد، وفي صيغة واحدة. وهذا خطأ! [...] إنّ أذكى الباحثين كانوا، إلى عقود قليلة خلت من الزمان، على يقين بأنّ الدين سوف يختفي من على وجه البسيطة بحلول القرن الحادي والعشرين. إلاّ أنّ التديُّن، بدلاً من ذلك، ظهر في أواخر سبعينيّات القرن العشرين ظهور المغنّيّة الأولى في الأوبرا. ومنذ ذلك اليوم، يبدو أنّه جاء ليبقى، صوتُه أكثر علوًّا على مرور السنين. وما المناقشات الحامية التي تدور في يومنا هذا إلاّ وهي تخصّ أمورًا ذات صلة بالدين. كان يُفترض بهذا القرن من الزمان أن يكون أكثر تديُّنًا من القرن السابق، ديموغرافيّا في الأقلّ، ما دام الأتقياء ميّالين إلى إنجاب أطفال أكثر عددًا من العلمانيّين. لكن في غمرة هوسنا بالخلافات الدينيّة والسياسيّة والثقافيّة، أغفلنا أحجية بالغةَ الأهمّيّة، وهي الربّ. ففي الماضي من الزمان، جاهد فلاسفةٌ – وتلامذتهم – في حلِّ مشكلة الربّ أكثر من مشكلة الدين. أمّا اليوم، فالقضيّة معكوسة. المناظرات بين المؤمنين والملحدين، التي غدت شائعة تمامًا في الأوساط الثقافيّة على كِلا جانبي المحيط الأطلسيّ، تدور عن السياسة والدين والوضع الدوليّ أكثر ممّا تدور عن الربّ. إنّنا، بإضعاف قدراتنا الإدراكيّة من أجل طرح مشكلات وجوديّة وإيبستيمولوجيّة عن الربّ، وقطعِ صلاتنا بفلاسفة الأزمنة الماضية، نفقد قدسيّة الخيال" (ص. 402-403)
"أعداد من النّاس أكثر ممّا يجب يعانون مرضًا... أتعرفون ما هو؟ [...] هو مرض اليقين. كان اليقين يمثّل حبّ الاستكشاف ما تمثّله الشمس لجناحيْ إيكاروس [نجل ديدالوس الّذي حلّق في مع أبيه من جزيرة كريت، لكنّ الشمس أدّت إلى ذوبان الشمع الذي ثبّت جناحيْه فسقط في البحر الذي سُمِّي باسمه قرب اليونان] المسرف في التحليق في الفضاء. فإذا ظهر طرفٌ ظهورًا قويًّا، فإنّ الطرف الثاني لا يستطيع البقاء حيًّا. وجاء اليقين برفقةِ الغطرسة، ومع الغطرسة جاء العمى، وجاء برفقة العمى الظلامُ، وجاء مع الظلام يقينٌ أكبر. وهذا ما أسماه آزور الحشوَ في الإيمان" (ص. 403-404).
"[...] الربّ بصفته كلمة. [...] الحضارة، كما نفهمها اليوم، تناهز الستّة آلاف عام. لكنّ الجنس البشريّ يتجاوز هذا العمر بكثير، إذ عُثِر على جماجم ترجع إلى 290 مليون عام خلت. وما نعرفه عن أنفسنا ضئيل الشأن مقاربة بما سنكتشفه مستقبلاً. إذْ توضح الأدلّة الأثريّة بجلاء أنّ الجنس البشري لبث على مدى آلاف السنين يفكّر في الإله أو الآلهة في أشكال متعدّدة: شجرةٍ وحيوانٍ وقوّةٍ من قوى الطبيعة أو شخصٍ من الأشخاص. ثمّ حدثت طفرة في الخيال في وقت مّا في أثناء سريان التاريخ، إذ تحوَّل البشر من التفكير في الإله على أنّه شيء محسوس إلى التفكير فيه بصفته كلمة. ومنذ ذلك الوقت، لم يعد كلّ شيء كما كان سابقًا" (ص. 406).
"["أليس في بلاد العجائب" (1865): رواية الكاتب البريطاني (تشارلز لوتفيدج دودجسون، 1832-1898)، المحاضر في درس الرياضيّات في جامعة أوكسفورد (1855-1881). كتب عددًا كبيرًا من كتب الأطفال جذبتهم روح الفكاهة والمنطق إليها. أمّا رواية "1984"، فهي للكاتب البريطانيّ جورج أورويل، نُشرت في سنة 1949 وتتنبّأ بدكتاتوريّات الأنظمة الشموليّة. احتار المؤلِّف في وضع عنوانٍ لها، فاقترح الناشر العنوان "1984"، فظنَّ الكثير من القرّاء أنّ أحداثها سوف تقع في سنة 1984! رواية "حالة اللافوز" للكاتب جوزيف هيلر نُشرت في 1961 ومفادها أنّ أيّ خيار تختاره سيؤدّي إلى الخسارة والمتاعب، وتركّز في شخصيّة النقيب يوساريان (سرب القاذفات الأميركيّة 256) الذي كان يهدف إلى تجنّب الموت في الحرب العالميّة الثانية. رواية "عالم جديد شجاع" (1932) للكاتب الإنكليزي ألدوس هكسلي (1894-1963)، وهو ابن عالم الأحياء توماس هكسلي. أُصيب بمرض في عينه كاد يُصيبه بالعمى التامّ. عاش مدّة من الزمان في إيطاليا، واستقرّ في كاليفورنيا. أمّا رواية "عشيق الليدي تشاترلي"، فهي آخر روايات الكاتب الإنكليزي دي- إج لورنس (1885-1930) المثيرة للجدل، لما فيها من اندفاع القوى الغريزيّة الجامحة. أمّا "لوليتا" (1955)، فهي رواية ڤلاديمير نابوكوڤ (1899-1977) التي ظلمتها السينما العالميّة بتشويه صورتها الحقيقيّة على أنّها مثيرة للجنس. "غذاء هزيل" رواية هجائيّة ساخرة عن عالم يسكنه مدمنون على المخدّرات؛ عالم يأكل فيه القويّ الضعيف، كتبها وليم بوروز على غرار مؤلّفات جوناثان سويفت. أمّا "مزرعة الحيوان" (1945)، فهي لجورج أورويل"] (ص. 424-425).
"أنت تقول إنّ حياتنا ليست سوى حياة واحدة من حيوات لا تُعدّ ولا تُحصى، كان في وسعنا أن نحياها. وأنا أعتقد، في صميمي، أنّنا كلّنا نعرف ذلك. فحتّى في الزيجات السعيدة والحياة المهنيّة الناجحة ثمّة شيء من الشكّ والريبة. فنحن لا نستطيع منع أنفسنا من التساؤل عمّا ستكون عليه حياتنا لو أنّنا سلكنا سبيلاً آخر... أو سبلاً أخرى. وأنت تُخبرنا بأنّ تصوّرنا عن الربّ واحد من عديد التصوّرات، فما فائدة أن يكون المرء دوغمائيًّا – متعسّفًا من غير دليل – سواء أكنّا مؤمنين أم ملحدين؟ [...] لكن يتعيّن عليك أن تعرف أنّ ثمّة أعدادًا غفيرة من الناس ممّن يشبهون والدتي، يستمدّون إحساسهم بالطمأنينة من إيمانهم. وهم مقتنعون بأنّه لا يوجد تفسير واحد لله، وهو تفسيرهم. إنّ أمثال هؤلاء الناس لديهم ما يكفي لمعالجته والتعامل معه، وأنت تريد أن تسلبهم حياتهم الوحيدةَ المتمثّلة في يقينهم. أمّي مثلاً... أعني أحيانًا أنظر إليها وأرى فيها حزنًا لا ينتهي. وفي وسعي أن أحسّ بأنّها لولا تمسُّكها بالإيمان والدين لأُصيبتْ بمسٍّ من الجنون" (ص. 434-435).
"[...] تدرين أنّ بعض الباحثين ميّالون إلى التقسيم والتصنيف، وأنّ آخرين نزّاعون نحو الدمج والاتحاد. انشقاقيُّون واندماجيُّون. أمّا أنا، فأريد أن تكون حواسِّي كلُّها في حالة يقظة، شأنُها شأنُ أخطبوطك المذهل. دعينا نكفّ عن الاعتماد على عقل واحد ممركز، ولنُدخلِ الشعرَ إلى الفلسفة، والفلسفةَ إلى حياتنا اليوميّة. المشكلة في يومنا هذا تتمثّل في أنّ العالم يُقيم للأجوبة وزنًا أكبرَ من الأسئلة. لكن ينبغي للأسئلة أن تحظى بأهمّيّة أكبرَ بكثير من الأجوبة! أعتقد أنّني أريد أن أُدْخل فكرةَ الله إلى فكرة الشيطان، وفكرةَ الشيطان إلى فكرة الله. [...] خيال محض. إنّ الوجوه التي نراها في المرايا ليست وجوهَنا حقًّا، وإنّما هي انعكاساتٌ ولا يمكننا العثورُ على أنفسنا الحقيقيّة إلاّ في وجوه الآخرين. المؤمنون بما هو مطلق يبجّلون الصفاء، أمّا نحن، فنوقّر الهجين. وهم يتمنُّون اختزال كلّ فرد إلى مئات الأفراد، إلى آلاف القلوب النابضة. إذا كنت إنسانًا فينبغي لقلبي أن يكون من السعة ما يجعله قادرًا على الإحساس بالناس في كلّ مكان. انظري إلى التاريخ. راقبي الحياة. إنّها نشأتْ من البساطة واتّجهتْ نحو التعقيد، وليس العكس. هذه هي الأيلولة أو الانتقال" (ص. 436-437).
"["لويس ألتوسير" (1918-1990): فيلسوف فرنسي، وُلِد في الجزائر. درس مؤلّفات كارل ماركس وتطوُّرَ فلسفته وتأثيرَها في حزكة الطبقة العمّاليّة. وضع نظريّة "الأجهزة الأيديولوجيّة للدولة"]" (ص. 453).
"[أركاديا (Arcadia): مقاطعة في اليونان القديمة وسط البيلوبونيز، سُمّيت باسم أركاس نجل جوبيتر. سكنها رعاة الغنم. وبحسب فيرجل (70-19 ق.م) كبير شعراء الرومان وصاحب ملحمة الإلياذة، كانت أركاديا موطن السعادة والبساطة الرعويّة. استخدم الشاعر الإنكليزيّ فيليب سدني (1554-1586) هذا الاسم في قصيدته العاطفيّة التي كتبها من أجل شقيقته. وسرعان ما أصبحت الكلمة رمزًا من رموز النِّعم الريفيّة]" (ص. 459).
"[غوستاف فلوبير (Gustave Flaubert، 1821-1880): أديب فرنسيّ وروائيّ كبير. امتاز بالواقعيّة والصياغة الفنّيّة في إطار رومانسيّ، وبالأسلوب الموضوعيّ في السرد. أشهر رواياته "مدام بوڤاري" و"سالامبو" و"التربية العاطفيّة" و "تجربة القدّيس أنطونيوس" و "ثلاث قصص" و "بوفار وبيكوشيه". أمّا الرسائل الوارد ذكرُها أعلاه، فتقدّم صورة عن حياته الأدبيّة وأحكامه ونقده الموجَّه إلى غيره من الأدباء. من أهمّ هذه الرسائل تلك التي كان يرسلها إلى الروائيّة الفرنسيّة بالاسم المستعار "جورج ساند"] (ص. 471).
"[السيّد إيكهارت (Meister Eckhart، 1260-1627): فيلسوف صوفيٌّ ألمانيٌّ، هو أوّل كبار الصوفيّة في غربيّ أوروبا. مارس التعليم في باريس وستراسبورغ وكولونيا. يرى إيكهارت أنّه لا يوجد أيُّ أمر خقيقيٍّ سوى الخالق، وأنّ وجود المخلوقات يمثّل وجود الله نفسه، وأنّ العلاقة بين الله ومخلوقاته أقربُ العلاقات إطلاقًا "أقرب إليكم من حبل الوريد". ويرى النقّاد أنّ هذا الرأي يقترب كثيرًا من القائلين بوحدة الوجود. آمن إيكهارت بأنّ حياة البشر هدفُها اتِّحادُ الإنسان بالله من خلال المعرفة]" (ص. 474).
"إنّ العين التي أرى بها الربّ هي العينُ نفسُها التي يراني بها الربُّ، كما يقول إيكهارت. وإذا ما اقتربت من الربّ بقسوة، فإنّه يقترب منّي بقسوة أيضًا. وإذا ما رأيت الربّ من خلال الحبّ، فإنّ الربّ يراني من خلال الحبّ أيضًا. إنّ عيني وعينَ الربّ هما عينٌ واحدة" (ص. 475).
"[...] أنت مستوحدة؟ لديك الملايين ممّن يقفون إلى جانبك: الحكومات الدينيّة؛ وسائلُ الإعلام؛ الثقافةُ الشعبيّة. كما أنّك تعتقدين أنّ الربّ إلى جانبك: وهذا أمر له دلالته. كم من الأصحاب تريدين أكثر من هذا؟ أتعرفين جيّدًا من هم المستوحدون الحقيقيُّون في منطقتنا؟ الملحدون. اليزيديّون. المثليّون. ملكاتُ الشوارع. أنصارُ البيئة. سجناءُ الضمير. هؤلاء هم المنبوذون. فإذا لم تكوني من ضمن هؤلاء الناس، فلا تتذمّري من الوحدة" (ص. 505-506).
" -أنت جاهلة. لقد تعرّضتُ للأذى، والشتيمة، ودُفِعْتُ دفعًا في الحافلات، وعُوملتُ كأنّني خرساء؛ كلّ ذلك بسبب الحجاب. ليست لديك أدنى فكرة عن المعاملات الفظيعة التي قُوبلتُ بها. يا ربّي! إنّ الحجاب ليس سوى قطعة من قماش.
   - لماذا تغطّين رأسك به إذن؟
   - إنّه خياري، وهويّتي! أنا لست مستاءة من عاداتك أو تصرّفاتك، فلماذا تستائين من عاداتي وتصرّفاتي؟ فكّري: من هي الليبراليّة هنا؟
   - يا لك من جاهلة. في البدء، فتاة واحدة بحجاب. ثمّ عشرُ فتيات، ثمّ ملايين. وقبل أن تُدركي الأمر، أصبحنا أمام جمهوريّة من الأحجبة. هذا هو السببُ الذي دفع والدي إلى الرحيل عن إيران. لقد أرسلتْنا قطعةُ قماشك إلى المنفى!" (ص. 506)
"الطاقة الخامسة [الطاقة أو الطاقات التي يجري الحديث عنها في هذا السياق مأخوذة من مراكز الطاقة الروحيّة السبعة في جسم الإنسان استنادًا إلى فلسفة اليوغا، وهي أصلاً كلمة Cakras باللغة السنسكريتيّة]، وهي طاقة البلعوم؛ الأفكارُ المقموعة والرغباتُ المكبوتة. إنّها تبدأ من هنا، في نهاية الحلق وتضغط على المريء والمعدة" (ص. 517).
"[غلبرت كيث تشيسترتون (Gilbert Keith Chesterton، 1874-1936): ناقد أدبيّ وروائيّ وشاعر إنكليزيّ، وُلد في لندن لأب يعمل في العقارات. تلقّى علومه في مدرسة سليد للفنون، لكنّه بدأ حياته المهنيّة صحافيًّا أدبيًّا. أوّل مؤلّفاته الناجحة ديوان شعر "الفارس الوحشي" (1900)، وروايته الأولى "نابوليون نوتنغ هيل" (1904). يراه النقّاد كاتب مقالات، ويعتبرون أنّ رواياته ليست سوى مقالات نقديّة إلى حدّ بعيد. أهمّ كتبه النقديّة: "روبرت براونينغ" (1903) و"ديكنز" (1906)، و"برناردشو" (1909)، و"الأرثوذوكسيّة" (1908)، الذي يشرح فيه الديانة النصرانيّة. أمّا كتابه "ماذا جرى للعالم؟" (1910)، فيشرح فيه أفكاره ومعتقداته السياسيّة والاجتماعيّة. كتب مجموعة روايات تحرّ، مثل "رجل كان اسمه خميس" (1908)، تشتمل على فوضويّين وعملاء سرّيّين وحبكة ثوريّة لتتحوّل من بعد ذلك إلى موضوع عن الربّ والحياة والسعادة وحكمة القلب"] (ص. 557).
"[شمس الدين محمّد حافظ (1326-1390): أعظم شعراء الغزل في بلاد فارس. وُلد فقيرًا في مدينة شيراز، حيث أمضى فيها معظم سني حياته تقريبًا. والواضح أنّه كان يكسب قُوته من ممارسة التعليم ونسخ المخطوطات، إلى أن حظيت قصائده بشهرة واسعة وبرعاية آل مظفر، السلالة الفارسيّة التي حكمت مقاطعات فارس وكرمان ولورستان في إيران (1313-1393) قبل أن يقضي عليها تيمورلنك أو تيمور الأعرج (1336-1405) الذي أخضع إيران وآسيا من دلهي إلى بغداد. مؤلّفاته الأدبيّة تتألّف عمومًا من خمسمئة قصيدة في الغزل والحبّ والخمرة، ووصف النقّاد هذه القصائد بأنّها رموز صوفيّة، فكان يستهلُّها، شأنُه في ذلك شأنُ فرجيل (70-19 ق.م) في روما، بالبحث عن دليل إلى السلوك، غير أنّ النقد الأوروبي يميل اليوم إلى النظر إلى قصائد حافظ بصفتها الحرفيّة، بمعنى أنّها قصائد حبّ، لا يكون فيها المحبوب الربَّ، وإنّما الجمال الإنسانيّ أو الراعي الأميري. ولا تعكس النبرة الباخوسيّة (نسبة إلى الإله باخوس عند الرومان) سوى نظرة متفائلة إلى عالم مضطرب يحتشد بالفوضى. حاول الباحثون الغربيُّون منذ القرن السابع عشر ترجمةَ قصائد حافظ إلى اللاتينيّة والفرنسيّة والإنكليزيّة والألمانيّة، بل اليونانيّة أيضًا. وأفضل ترجمة إنكليزيّة للقصائد هي تلك التي أنجزتها غيرترود بيل، وصدرت بعنوان "قصائد من ديوان حافظ: 1897-1928"، وكذلك القصائد التي ترجمها أي، جَيْ، آربري في "50 قصيدة: 1947 و1953"، و"الوردة الخالدة: 1948"]" (ص. 562).
"[ابن عربي (1165-1240): صوفي عربيّ وُلد في الأندلس ولُقِّب بالشيخ الأكبر. أمضى الشطر الأكبر من شبابه في إشبيلية، ثمّ سافر إلى بلاد المشرق إلى أن استقرّ في دمشق وفيها تُوفِّي. له نحو أربعمئة كتاب، منها "الفتوحات المكِّيَّة" و"فصوص الحكم" و"مفاتيح الغيب" و"التعريفات" و"ديوان شعر" يتطلّع فيه، مثل بقيّة الصوفيّين، إلى الاتِّحاد بالخالق، غير أنّ كتابه "الفتوحات المكِّيَّة" مفصَّل وجامع ويحتوي على جميع مباحث الصوفيّة في خمسمئة وستّين فصلاً. ويُعدّ الفصلُ التاسع والخمسون بعد الخمسمئة فيها خلاصةَ هذا الكتاب. والمعروف أنّه حين طلب ابن عربيّ من ابن الفارض أن يشرح له قصيدته التائيّة المشهورة، قال له ابن الفارض: خير شرح للتائيّة إنّما هو كتابك "الفتوحات المكّيّة". ربّما يكون هذا الكتاب أوسعَ كتاب أُلِّف عن التصوّف، وقد طُبع في بولاق مصر في أربعة مجلّدات ضخمة سنة 1247 وأُعيج طبعه سنة 1329 في القاهرة. أمّا كتاب "فصوص الحكم" فقد شرحه ولخَّصه تلامذة ابن عربي وأصبح كتابًا لتدريس العرفان، وقد طُبع مشروحًا باللّغة التركيّة في بولاق مصر، ثمّ طُبع سنة 1309 وسنة 1321 مع شرح عبد الرزّاق الكاشاني في القاهرة]" (ص. 564).
"[جلال الدين الرومي (1207-1273): من أكبر شعراء التصوّف، ومؤسِّس طريقة المولوي أو رقصة الدراويش. وُلد في بلخ في أفغانستان. نقطة التحوّل في حياته حدثت في سنة 1244 عند لقائه شمس الدين التبريزي الذي ظلّ ملازمًا إيّاه، وكان من نتائجه عدد كبير من القصائد الغنائيّة. أعظم ما تركه من تأليف يتمثّل في "المنثوي" الذي يضمّ 27 ألف بيت شعري]" (ص. 565)
"[بلوتارك (Plutarch، 46-127 م): كاتب سيرة ومقالات إغريقي، جمع بين الدراسات الأكاديميّة والنشاطات المدنيّة. كتب بلوتارك عددًا كبيرًا من المقالات والحوارات في الموضوعات الفلسفيّة والعلميّة والأدبيّة، ومن بينها النقد اللاذع العنيف المشهور في كتابة "خبث هيرودوتس"، بسبب ما كتبه هيرودوتس من نقد ضدّ بعض الدويلات الإغريقيّة. مفهومه الفلسفيّ أفلاطونيّ المنحى، هاجم من خلاله الرواقيّين والأبيقوريين. من أشهر كتبه "السير المقارنة"، ويشتمل على خمسين سيرة لمشاهير الإغريق والرومان، وكان اهتمامه ينصبّ في شخصيّة الفرد وليس في حياته. وقد ذاعت شهرة هذه "السِّيَر" في العصر الإليزابيثي، وكانت ترجمة سير توماس نورث لها إلى الإنكليزيّة هي التي وفّرت لشكسبير مادّةً دسمة لموضوعات مسرحيّاته الرومانيّة]" (ص. 577).
"[إشارة إلى مدينتي سدوم وعامورة الكنعانيّتين القديمتين اللتين حلّت بهما كارثة أرضيّة في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، مع مدن أخرى واقعة جنوبيّ البحر الميّت. وقد ذكرت التوراة أنّهما أُحرقتا بالنار والكبريت قصاصًا لفساد أهلهما وشذوذهم الأخلاقيّ، وهم قوم لوط عليه السلام، مثلما ورد ذكرها في القرآن الكريم]" (ص. 585).
"[القدّيس فرنسيس الأسيزيّ (St. Francis of Assisi، 1182-1226): قدّيس إيطاليّ ومؤسّس رهبانيّة الفرنسيسكان سنة 1210، وجعل الفقر أساسًا لها]" (ص. 587).