jeudi 10 avril 2014

اللصوص الحقيقيون



وكالات الأخبار ذكرت أنّ مئة مليون دولار تمّت سرقتها من البنك. فقام اللصوص بعدِّ النقود المرّة تلو المرّة، وفي كل مرّة كانو يجدون أنّ المبلغ هو عشرون مليون دولار فقط. 
العهدة على الرّاوي، مع ضمان حق التصرّف.. تقول الحكاية: فجأة أخرج اللّصوص مسدّساتهم وصرخ أحدهم موجها كلامه إلى كل الموجودين داخل الوكالة البنكية: “لا تتحرّكوا، فالمال ملك للدّولة وحياتكم ملك لكم”. وكانت النتيجة أن استلقى الجميع على الأرض بكل هدوء. وهذا ما يسمّى بالقدرة على تغيير ردود الفعل.
غير أن سيدة أنيقة تمدّدت على الطاولة بنحو استفزازي. فصرخ اللص في وجهها: “رجاء كوني متحضرة، هذه سرقة وليست اغتصابا!” فاستلقت هي الأخرى على الأرض. وهذا ما يعنيه أن تكون محترفا وتركز فقط على الهدف..
عندما عاد اللصوص إلى مقرهم، قال اللص الأصغر عمرا (وكان يحمل شهادة ماجستير في إدارة الأعمال) لزعيم اللصوص (وكان أكبرهم سنا وقد أنهى ست سنوات تعليم في المدرسة الابـــتدائية): يا زعيم دعنا نحــصي كـــم من الأمـــوال سرقنا؟ فقام الزّعيم بنهره وقال له “أنت غبي جدا ! هذه كمية كبيرة من الأموال، وستأخذ منا وقتا طويلا لأجل عدها، لكن، الليلة سوف نعرف من نشرات الأخبار كم سرقنا من الأموال!”.. وهذا ما يسمى بالحنكة وحُسن التصرّف.
بعد أن غادر اللصوص البنك، قال مدير البنك لمدير الفرع: “اتصل بالشرطة حالا، ماذا تنتظر؟”.. لكن مدير الفرع ردّ عليه بهدوء: “انتظر، دعنا نأخذ عشرة ملايين دولار ونحتفظ بها لأنفسنا ونضيفها إلى السبعين مليون دولار التي قمنا باختلاسها سابقا! فوافق المدير. وهذا ما يسمى بانتهاز الفرصة المناسبة في الوقت المناسب.
في اليوم التالي، ذكرت وكالات الأخبار أنّ مئة مليون دولار تمّت سرقتها من البنك. فقام اللصوص بعدِّ النقود المرّة تلو المرّة، وفي كل مرّة كانو يجدون أنّ المبلغ هو عشرون مليون دولار فقط. غضب اللصوص كثيرا وقالوا: نحن خاطرنا بحياتنا من أجل عشرين مليون دولار، ومدير البنك حصل على ثمانين مليون دولار دون أن تتسخ ملابسه! وهذا ما يسمى بالإحساس بــالغبن.
كان مدير البنك يبتسم سعيدا لأنّ خسائره في سوق الأسهم تمّت تغطيتها بهذه السرقة، دون أن توجه إليه أصابع الاتــهام. وهذا ما يسمى باســتغلال النــفوذ.
العبرة : اللصوص الحقيقيون دوما هناك، ببذلات بيضاء، بربطات عنق، لا يرتدون أقنعة، لا يحملون مسدسات، إنهم هناك في المكان الذي لا توجه إليه أصابع الاتهام، إنّهم الوزراء أحيانا، إنهم الوكلاء أحيانا، إنّهم المدراء أحيانا، إنّهم رؤساء الدّول في بعض الأحيان، لكنهم اللصوص البارعون في كل الأحوال.
 العرب سعيد ناشيد [نُشر في 10/04/2014، العدد: 9524، ص(24)]

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire