jeudi 10 janvier 2013

بغداد

الّذين يتصارعون لملئ الفراغ يتجاهلون أنّ الحرب لم تنته لا في العراق و لا في أفغانستان و أنّ الهزيمة القادمة للإمبراطوريّة الجديدة ستستبدل الفراغ بقوّة عاتية تفرض على كلّ المعتدين دفع الحساب كما أثبتت تجارب التّاريخ دوما على مدى 60 قرنا.
و مع ذلك و بكلّ بساطة حاولوا و يحاولون أن ينكروا على شعب تمتدّ حضارته على مدى 60 قرنا من تاريخ الإنسانيّة المعروف، بطولته و نجاحه بمقاومته في وقف مسار مخطّط الشرق الأوسط الكبير و ما كان يتضمّنه من مشاريع تقسيم الأقطار العربيّة إلى 54 كيانا. مقاومة تضع اللمسات الأخيرة على مراسيم دفن الإمبراطوريّة الكونيّة الأمريكيّة.
كتب الزميل "عليّ الصّرّاف " : لو كانت بغداد تقدر أن تسقط لكانت قد سقطت على يد هولاكو فلا تنهض مجدّدا. و لكنّها نهضت. و من كلّ مجزرة تالية، ظلّت تنهض و لتنحر الغزاة الّذين نحروها. و قد فعلتها بغداد، في تاريخها، 12 مرّة. و مرّة تلو الأخرى كانت المجازر هي السلاح الّذي يستخدمه الغزاة.
و ما أخطأوا هذه المرّة، فقد حاولوا قتلها بأكوام الجثث، و بفرق الموت، و التهجير، و حواجز الكونكريت، و بمزيج من مليشيات و جنود و مرتزقة من كلّ جنس. و لكنّ شاهد التّاريخ يشهد أنّها تقاوم اليوم أفضل ممّا فعلت في كلّ مرّة. و تتباهى بفرسان حرّيّتها أكثر من كلّ مرّة. وتدحر رعاع العصر أسرع من كلّ مرّة. و هي تدفع غزاتها إلى درك لم يروا له قاعا بعد. لو لم تكن بغداد بغداد لما كان لها من صمود أهلها ما كلن. و لكنّها من خلال الرماد و الموت، مالعنقاء تنهض. و تاريخها هو الّذي يصنع العبوة النّاسفة".
عمر نجيب
من يملأ الفراغ، تركيا و إيران و الإغراءات الأمريكيّة و الأوروبيّة
العرب الأسبوعي
السبت 6 نوفمبر 2010، ص4 و5

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire