mercredi 22 octobre 2014

الإمام الكافر

قال سائق سيّارة الأجرة بعدما تثبّت من 'أخذ فلوسه'  كاملة من الركاب : "هذه الأمّة مآلها العذاب... لأنّها كفرت وفسقت وفجرت وانحرفت عن الدين القويم... فإلى الجحيم... إنّه بعد الفياضانات و القلاقل... ستأتي الزلازل الّتي ستدكّ المدن والجبال... ثمّ تنتشر الأوبئة والطواعين... لتتحوّل هذه الرقعة إلى مقبرة كبرى... آمين".
كان الرجل يتحدث مكفهرّ الوجه منهذه المشاهد الرهيبة ضاغطا على  مخارج الحروف بنبرة التشفّي... والتعطّش إلى رائحة الموت... فصمت المسافرون... فخال  السائق أنّهم موافقون ومقتنعون... فشجّعه ذلك على مواصلة الدرس فرفع عقيرته ممتطيا طبقة صوتيّة أعلى وخطابا زجريّا أرقى... فربط كلّ الكوارث والآفات السالفة والحاليّة والقادمة بكفر الكافرين ومروق المارقين... وألحّ على ضرورة التخلّص منهم واستئصالهم تجنّبا لنفمة اللّه... ثمّ زايد أو لعلّه أخطأ في جواز قتل الثلث لإصلاح الثلثين... فقال : "اللّه يبيح لنا قتل الثلثين لإصلاح الثلث". عندئذ قاطعه أحد الراكبين وكان شيخا وقورا يتجاوز السبعين : "يا هذا... لماذا كلّ هذا... الحقد على الثلث أو الثلثين... فنحن مؤمنون... وماذا فعلنا حتّى نُؤخذ بجريرة الغير... وكيف تقول إنّنا انحرفنا عن الدين وعدد المساجد والجوامع ما انفكّ يتضاعف منذ عشرات السنين حتّى أنّك تجد في القرية الصغيرة ثلاثة أو أربعة مساجد ولا تجد فيها إلّا مدرسة واحدة... ولا مستوصفا ولا بلديّة ولا فرعا لإدارة مركزيّة ولا مصنعا... ثمّ لماذا نكذب هكذا على الله أمام خلق الله فنُشبّه لهم "الذات العليّة" بقوّة بشريّة متغطرسة، متشنّجة، حاقدة وغبيّة  تخلط بين الأبرياء والمجرمين والصادقين والمنافقين والعقلاء والمجانين... تماما كما كان يفعل الحمقى من سلاطين القرون السالفة... ثمّ ما أدراك - يا أخا العرب - أنّ من تدّعي أنّهم كافرون (عندك)... هم كافرون عند الله... فكيف تحسم في هذا الأمر اليوم وهو أمر لا يحسم فيه إلاّ يوم القيامة... أفلا ترى أنّ ما قمت به إنّما هو باطل... بل إنّه تطاول على الجلالة وادّعاء بمشاركة الله في أحكام الله... والعياذ بالله... أليست هذه "نبوءة الكذّاب" المبشّرة بالخراب... هداك الله يا ولدي وهدانا إلى طريق العقل والصواب... أحيطك علما في الختام أنّني إمام وأبي إمام وجدّي إمام... والسلام".
ما إن فرغ الإمام من الكلام حتّى أوقف سائقنا السيّارة وزعق في الشيخ بوقاحة وجسارة : "إهبط أيّها اللّعين فلديّ يقين أنّنا إذا حملناك لن نصل إلى مقاصدنا سالمين... إنّ سيّارتي إمارتي لا تتّسع للمحرّفين والمرتدّين... رغم أنف الدّولة... والقانون".
 عمّار منصور، (التربيع والتدوير)،
الإمام الكافر، المغرب، العدد 84،
الخميس 01 ديسمبر 2011، ص. 11

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire